وفي رواية لمسلم:
(
كل عمل ابن آدم يضاعف: الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف. قال الله تعالى: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ). وعن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:
(
إن في الجنة بابا يقال له: الريان، يدخل منه الصائمون يوم القيامة، لا يدخل منه أحد غيرهم، يقال: أين الصائمون؟ فيقومونلا يدخل منه أحد غيرهم، فإذا دخلوا اُغلق، فلم يدخل منه أحد )
متفق عليه.
وعن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما من عبد يصوم يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفا ) متفق عليه.
حكمة مشروعية الصوم: شرع الصوم لأمور منها: أن في الصوم قهر النفس وكسر الشهوة،
لأن النفس إذا شبعت تطلب الشهوة، وإذا جاعت امتنعت عما تهوى،
ولذا قال صلى الله عليه وسلم:
(
من استطاع الباءة فليتزوج ، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج،ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )
متفق عليه. واللفظ للبخاري.
فكان الصوم ذريعة إلى الامتناع عن المعاصي، لأنه إذا انقادت نفسه للامتناع
عن الحلال طمعاً في مرضاة الله تعالى وخوفاً من أليم عقابه، فأولى
أن تنقاد للامتناع عن الحرام، فكان الصوم سبباً في اتقاء محارم الله تعالى،
وإليه وقعت الإشارة بقوله تعالى في آخر آية وجوب الصيام
{لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون } ومنها: أن الصوم وسيلة إلى شكر النعمة، إذ هو كف النفس
عن الأكل والشرب والجماع، وهي من أجل النعم وأعلاها.
والامتناع عنها زماناً معتبراً يعرف قدرها، إذ النعم مجهولة فإذا فقدت عرفت،
فيحمله ذلك على قضاء حقها بالشكر، وشكر النعمة واجب،
وإليه الإشارة في قوله تعالى في آية الصيام:
{َلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُون } ومنها: اقتضاؤه الرحمة والعطف على المساكين الذين يذوقون ألم الجوع،
فإذا ذاق الإنسان ألمه في بعض الأوقات فإنه يذكر من هو ذائقه في جميع الأوقات.
حكمة تخصيص صيام الفرض برمضان:
اختص الصيام بشهر رمضان لأن في ذلك الشهر طلعت شمس الشريعة الإسلامية
فأضاءت الوجود، وأزالت ظلمات الشرك والضلال، فقد تضمن شهر رمضان
أعظم ذكرى تاريخية بإنزال القرآن الكريم فيه، ولأن فيه ليلة القدر التي
خص الله بها هذه الأمة، وجعل العمل فيها خيراً من عبادة ألف شهر.
فلهذا الشرف والفضل خصه الله تعالى بالصيام والقيام وتلاوة القرآن،
وجعله من أيام إحسانه ورحماته.
حكمة النهي عن صيام بعض الأيام:
ثبت النهي عن صيام العيدين وأيام التشريق لما فيه من الإعراض عن
ضيافة الله تعالى، ولأنها أيام أكل وشرب وتزاور.
وأما صوم الوصال فإنما ورد النهي عنه لأنه يضعف الإنسان
عن أداء الفرائض، ويقعده عن السعي والكسب الذي لابد منه.